رسالة "خليك في البيت" بلا منع تجول
كانت جائحة الكورونا وما اقتضته من وسائل الوقاية، من حظر
للتجول وانطلاق شعارات خاصة بالمرحلة ومنها "خلِّيك في البيت" ورفع الأذان
مع عبارة "صلُّوا في بيوتكم"، هي ما دفعني إلى إنشاء هذه الرسالة إشغالاً
للوقت، وأملاً في أن تساعد من يطلع عليها في ملء فراغ الوحدة بما يفيد ويدفع
الضرر. وقدَّرتُ أن تطبيق ما تم اقتراحه في الرسالة، كل حسب إمكاناته، سَيَقي
الناس من الشعور بالملل ويُجنبهم مزالق لغو الحديث والتوترات النفسية والمشاحنات
الأسرية وما تجرُّه من مخاطر. وقد قمت في حينه بإرسالها إلى الصحف ووسائل الإعلام
لتتصرف بها بالشكل الذي تراه. وقامت جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية بإنزالها في
موقعها الإلكتروني لتوسيع نشرها والاطلاع عليها.
وما يحفزني إلى بعثها من جديد وإلى استكمال طيف
الأنشطة لتصبح الأنشطة ملائمة للظروف الطبيعية هو مشهد لعب كرة القدم في الشوارع
يمارسه الأطفال وأعمار مختلفة من طلاب المدارس على ما فيه من خطر عليهم، وإزعاج
للسكان، ومضايقة للمارة من المشاة والسائقين. فالطريق لها حرمة ووظيفة معروفة
خاصّة بتسهيل حركة المواطنين وتنقلهم، وأي نشاط آخر يمارس فيها هو مخالف لآداب
الطريق ويدخل في دائرة الإثم. ولذلك نهى عنه النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-
أصحابه بقوله: "إياكم والجلوس في الطرقات". فإذا كان الجلوس في الطرقات
منهياً عنه فمن باب أولى كذلك أن يكون اللعب بالكرة أو سواه من العادات.
ولكن من ناحية
أخرى فإن هؤلاء الأولاد هم أبناؤنا ومسئوليتنا، ويفترض أن نسعد بفرحهم واستمتاعهم
بأوقاتهم بالطرق المستساغة، فعلى الآباء وأولياء الأمور أن يجدوا الترتيبات
المناسبة التي تراعي الأصول الاجتماعية وتكسب الأبناء عادات اجتماعية صحيحة. وتمتد
هذه المسئولية لتشمل الوزارات والمؤسسات المعنية، وعلى هذه الأطراف جميعاً أن
يعملوا ويكاملوا جهودهم لتوفير الأنشطة التي تستوعب طلاب المدارس من جميع الأعمار
في أيام العطل والعطلة الصيفية.
ونذهب الآن إلى موضوع الرسالة وقد جرى على الأنشطة المقترحة
فيها بعض الإضافات والتعديلات لتكون مناسبة لجميع الظروف:
بسم
الله الرحمن الرحيم
رسالة
في "خليك في البيت"
عزيزي
القارئ الكريم،
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
فإنّ
الأردنيين يخوضون في هذه الأيام حرباً ضروساً ضد وباء الكورونا الذي يهاجم العالم
ومنه الأردن، ويقدِّمون أداءً ناجحاً يبشر بنصر قريب بإذن الله.
الأردنيون
اليوم مندوبون جميعاً للانخراط في هذه المعركة، ولا يليق أن يكون بينهم قاعدون مع
الخوالف، يفكرون في فضاءات أخرى ويعملون في الاتجاه المعاكس. لكل أردني اليوم دور
مهم ومؤثر حيثما كان موقعه: في إدارة الأزمة، وفي الجبهة من كوادر وأجهزة أمنية
وقوات مسلحة، ومع العاملين في الخدمات المساندة والمرافق العامة والأعمال التطوعية
ومواقع الإنتاج، وكذلك المرابطون في بيوتهم.
لا يستهين
المرابطون في بيوتهم بدورهم، إنه الجهاد الأكبر، جهاد النفس ومغالبة الفراغ
والملل، واختبار القدرة على التحمل والصبر. إن احترام عبارة "خليك في
البيت" واجب مقدس لإنجاح جهود العاملين في خط المواجهة مع الوباء. ومن يتقاعس
عن هذا الواجب من المعنيين به أو يمارس نقيضه هو طابور خامس، يطعن من الخلف ويخون
الوطن.
كيف نقاوم
الضجر والملل، وكيف نستثمر أوقاتنا ونحن في البيت بأعمال إيجابية؟ نحن جميعاً نتفق
على أهمية الوقت من أجل العمل والإنتاج وإكساب الحياة معنىً جميلاً. ولأهمية الوقت
يُسأل الإنسان يوم الحساب عن الوقت المتاح له في حياته كيف أمضاه.
وفي القائمة
التالية دليل سريع لعدة مجالات من الأنشطة، يمكن للمرء أن يعود إليها ويختار منها
ما يناسب قدراته وإمكاناته وظروف عيشه وسكنه، ليقضي وقته فيما هو ممتعٌ ومفيد،
وليسهم بدور إيجابي ووقائي في الحرب ضد الكورونا. وعند التعامل مع هذه الأنشطة يجب
مراعاة القواعد التالية:
- مراجعة الأنشطة التي نختارها قبل الشُّروع بها للتأكد من معرفتنا بها
وإتقانها.
- سؤال الأصدقاء والمعارف عما نريد معرفته أو نكون قد نسيناه، وبذلك نُحقق
تواصلاً اجتماعياً نافعاً.
- الأخذ بتعليمات السلامة والوقاية في الأنشطة الجماعية.
- التَّحَلِّي بروح الفريق والروح الرياضية في الألعاب
الجماعية، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وجعل الهدف منها تحقيق الفائدة والتسلية
والمتعة وتقوية روح الجماعة والعمل المشترك.
- عدم ممارسة الصِّغار ألعاباً فيها ركضٌ وتسابق داخل البيت
لسلامتهم وتجنباً للحوادث في وقت يصعب فيه الحركة والذهاب إلى مراكز الطوارئ.
- حفظ الوقت الكافي للمشاركة الجادة في برامج التعليم عن
بعد التي أطلقتها المدارس والجامعات، فالتعامل الإيجابي مع هذه البرامج هو بحد
ذاته تجربة مفيدة، وسيحقق بدون شك قدراً من التعلُّم، كما ستُفيد منه المؤسسات
التعليمية في تطوير هذه البرامج وتحسينها، ورفع كفاءة المعلمين والطلبة على أساليب
التعليم والتعلُّم عن بعد.
- الحرص على الهدوء حتى لا يزعج المشتركون في نشاط ما
الآخرين في المنزل، أو من حولهم من الجيران.
لا يقدم هذا الدليل قائمة حصرية بمجالات الأنشطة، وقد
يدفع المرء إلى التفكير بغير ما ذكر فيه من أنشطة، فلا حدود للأنشطة من مختلف
الأنواع، وقد يذهب المهتمون إلى محاولة الابتكار والإبداع.
أليس هذا أفضل من أن نخالف تعليمات أوامر الدفاع ومن
التسلي بتلقُّف الإشاعات وترويجها، وأجدى من التورّط في العنف والخصومات الأسرية؟
إنها مرحلة لنثبت أننا على قدر المسئولية، فليحمل كل واحد
منا كوباً من الماء أو أكثر، كل على قدر استطاعته، ولنشترك معاً في سقاية غرسة
العمل والأمل لتنمو وتُزهر، وننعم جميعاً بثمارها الطيبة.
ولنعش طبيعتنا الأصيلة في أيام الطوارئ
والحرب كما نعيشها في أيام السِّلم:
قالوا النِّزال فقلنا تلك عادتنا أو تنزلون فإنا مَعشرٌ
نُزُلُ
يُعلِّمنا
الخالق جلت قدرته بصيغة الجزم والتأكيد أَن العُسرَ يعقُبه يُسر:
)فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً(
والسلامة للجميع والسلام على الجميع
دليل النشاطات
أولاً -
نشاطات داخل البيت
1. ألعاب فكرية:
-
الشطرنج: وتُمارس اللعبة وجاهياً أو عن بعد، ويشترك فيها اثنان.
- طاولة الزهر.
- الدومينو.
- الشّدّة.
2. مهارات فنية:
- الموسيقى: استماع وعزف منفرد أو جماعي.
- الرسم بأنواعه: ويمارس بأقلام الرصاص، وبأقلام
التلوين، وأقلام الحبر الجاف.
- المجسمات: وتعمل بالورق الملون والعادي،
والكرتون، والملتينة، والليجو.
- الطوابع والنقود: جمعها وتصنيفها
وترتيبها وتوثيقها.
3. تمارين بالحرف
والرقم:
- معرفة الحروف الناقصة في الكلمات
المتقاطعة.
- معرفة الكلمات التي يمكن تكوينها من مجموعة
حروف واحدة.
- نسخ نصوص قصيرة متنوعة وقراءتها.
- تمارين في الإملاء.
- تمارين في تحسين الخط.
- إكمال الجُمل الناقصة.
- الحساب الذهني.
- الأحجيات الرّياضية.
4. ثقافة وإبداع:
- قراءة القرآن الكريم والتفسير والحوار
في المعاني والمقاصد.
- مطالعة السيرة النبوية والأحاديث
الشريفة والحوار في الدروس والعِبَر.
- مطالعة الكتب المقدسة ومناقشة المضامين
المشتركة.
- المطالعة بشكل عام (في النثر، وفي الشعر
وشرحه وتفعيله).
- نظم الشعر.
- المسابقات الشعرية.
- الإنشاء من الجملة إلى الفقرة وأكثر إلى
الحد الممكن.
- التأليف وطرق البحث عن المعلومات في
المعاجم والموسوعات والإنترنت، ولدى أصحاب الاختصاص.
5. معلومات
متنوعة:
- الصفات الخُلُقية الحميدة والحوار فيها.
- الصفات الخُلُقية الذميمة والحوار فيها.
- الحوار في أسماء الكواكب والنّجوم وفي
علم الفلك بشكل عام.
- أنواع الأشجار.
- أنواع الزهور والورود.
- أنواع الطيور المحلية والمهاجرة،
والأنواع التي تؤكل منها.
- أنواع الحيوانات البرية، والمفترسة منها،
والأنواع التي تؤكل.
- أنواع الحيوانات الأليفة وفوائدها، والأنواع
التي تؤكل منها.
- أحاديث ومسابقات في التاريخ.
- أحاديث ومسابقات في الجغرافيا.
- أسئلة وحوار في أسماء الذكور والإناث
ومعانيها.
- حوار في القواعد الصحية (نوم، وطعام،
وشراب، وجلوس).
- حوار في العادات الاجتماعية، وما هو مستحسن
منها، وكيف نغير ما هو غير ذلك.
6. ألعاب رياضية:
- كرة الطاولة.
- كرة السلة.
- البولنج.
- التمارين السويدية.
- رفع الأثقال.
7. أعمال منزلية:
- في المطبخ (تحضير الطّعام والحلويات
والمعجنات، والجلي وتنشيفه وترتيبه).
- جرد المواد الغذائية المخزّنة وفحص
صلاحيتها.
- جرد الكتب وتصنيفها وترتيبها.
- جرد الملابس وفرز ما يمكن الاستغناء
عنه.
- تفقد الملابس المستعملة وإصلاحها حيثما
لزم وأمكن.
- العناية بحديقة المنزل وقوارير
المزروعات.
- الحياكة، والخياطة، والتطريز.
- مراجعة الذكريات في الصور والألبومات
والتسجيلات والمقتنيات والحكايات، وإدارة أي نقاش حولها.
ثانياً - نشاطات
خارج البيت:
لدينا نشاطات تمارس خارج البيت، وكانت قد
توقفت بسبب جائحة الكورونا والعمل بقانون الدفاع الذي يحظر التجول والخروج من
المنازل إلى الأماكن العامة وغيرها. الآن وقد عادت الحياة إلى طبيعتها كما كانت
قبل الجائحة يمكننا العودة إلى مزاولتها. وتشمل هذه النشاطات:
الرياضة بأنواعها، وارتياد الأماكن العامة
الثقافية مثل: المتاحف والمكتبات والمراكز الثقافية ومراكز تحفيظ القرآن، ودروس
التقوية، وتعليم الموسيقى، والحدائق العامة.
إذن لدينا نشاطات شاملة نمارسها إما داخل
البيوت وإما خارجها، وذلك وفقاً للظروف التي نعيشها والإمكانات المتاحة لكل منا.
وعلينا ألا نستهين بهذه الأنشطة وفائدتها وبضرورة أن يحرص كل فردٍ على الإلمام
بنصيب منها وبممارستها في أوقات الفراغ وفي الأوقات المخصصة لها.
ومَرَدُّ هذه الأهمية إلى قيمة الوقت وإلى
النتائج الإيجابية التي نجنيها. فالوقت هو الحياة ونحاسب إن فرطنا فيه وفي حسن
استثماره حفاظا على صحة الفرد وصحة الأسرة وصحة المجتمع.
وللجميع السلامة وحُسْن العاقبة
د. أحمد سليمان بشايرة